في يوم آخر
يوم آخر، يوم وحيد
آخر.
الأمور لا تتغير،
لم تتغير منذ زمن، مر زمن طويل منذ آخر مرة حادث فيها أحدهم، لم يرَ صديقا، عزيزا،
قريبا، حبيبة، قد هجروه كلهم، هكذا كان الأمر بعدما قيل له أنه غريب الأطوار.
جلس "أكمل" و ليس في
يديه تبغ كما هو متوقع، شرد في السقف، الوحشة لا تتركه أبدا، تقريبا أن الوحدة هي
صديقته الأكثر وفاءً، بينما كان الآخرين يلتقطون الصور و يوزعون النكات السخيفة
هنا و هناك دونه، كانت هي هنا، و الصمت أيضا دعونا لا ننسى الصمت، هل نسوه؟ نعم
يمكن ذلك.
لماذا هو؟
لا يعرف، ولكن
هكذا هو الأمر و ليتقبله جملةً، غير ذلك فليمت.
"أكمل" قد مل من تلك
الحياة الرتيبة و الأمور المعادة، من الإستيقاظ و إنتظاره حتى يأتيه النوم فيأخذ
ما على كتفيه من تعب و يأتي يوم آخر بنفس الشكل، يقال أن الإنسان إذا نساه الناس
فهو ميت، لكن أكمل لم يرد في حياته سوى أن يحيا.
نظر حوله، كل شيء
معتاد، لو أتاه أحدهم لتغير حاله كثيرا، هناك خمس أشخاص أعزاء، أو كانوا أعزاء على
قلبه، إذا فقط تذكره أحدهم و حادثه لتغير كل ذلك و يموت الملل.
فكر "أكمل" في طريقة
تجعلهم يأتون إليه مرغمين، ليس لأنه جشع و طماع و يحب أن يسيّر كل شيء كما يريد،
لكن لأنه واثق بأنه إذا كلم أحدهم فسيتحجج هربا منه.
فكر مليا في خطط و
سيناريوهات كلها فشلت تقريبا، عدا خطة واحدة.
أخذ أوراقا و كتب
عليها نفس الجملة:
" غدا في
الساعة العاشرة صباحا، سأنتحر، عند الشاطئ الذي كنا نمضي في أجمل الأوقات فيما
مضى."
و نزل المكتبة و
اشترى أظرفا وضع فيها الأوراق و أرسلها لهم عن طريق البريد، لا لن يرسل لهم رسائل
نصية، هو يفضل تلك الطريقة التي تضفي الجدية.
غدا سيرونه و
سيراهم، و ستختفي الظلمة و سيُملأ كل فراغ، و سيحاول أن يقول لهم أنه تغير، غدا
سيكون أفضل.
جاء غدا، فقام
مستعدا و متحمسا و حاول أن يتأنق بما لديه من ملابس، طريقة غريبة لبدء يوم ستنتحر
فيه !
نزل من شقته و هو
يدندن أغاني الأيام التي ولت حين كان يسمعهم يغنونها و كان يخاف أن يغنيها
فيجزعوا من صوته، و ركب تاكسي على غير عادته، لا يهم كم سيدفع المهم أنه سيراهم و
سيرونه و اليوم سيكون أفضل من ألف بارحة.
نزل عند الشاطئ، و
جهز السيناريو في مخيلته، يعلم أنهم سينزعجون في البداية و لكنهم سرعان ما سيشعرون
به، فهو لطالما شعر بهم، الأيام التي ولت هي أيام، و اليوم هو يوم آخر.
اللعنة كعادتك
تأتي قبل الوقت، عادتك لن تنقطع، ولكنه بالتأكيد سيأتون في أسرع وقت حتى يمنعوه.
جلس على الصخور
كما إعتاد، انتظر، ثم نظر في الساعة، مر وقت طويل فنظر في الساعة فوجد أن دقيقة و
احدة مرت، قام و تمشى ذهابا و إيابا، و لكن الدقائق لا تريد أن تمر، ولكنها في
النهاية مرت، في البداية كانت عشر دقائق، ثم نصف ساعة، ثم ساعة، ثم ساعة و نصف،
بحقكم لو كنت أقطع نفسي إربا لكنت إنتهيت !
مل الإنتظار، مل
الملل، مل كل شيء، نظر أمامه للأفق و زفر، الأمر كذلك إذا، لم يأتِ أحدهم، لم يخف
عليه أحدهم!
أخذ نفسه و وحدته
تمشي بجانبه، و رجع المنزل و لم يقدر على أي شيء، فقط إنزلق تحت الغطاء و شخص
بنظره في السقف، متمنيا أن ينام، حتى يزيح النوم خيبة الأمل التي على كتفيه.
مينا وجدي غطاس.
فكرة رائعة و صياغة جميلة
ReplyDeleteشكرا جدا يا أستاذي
Deleteماشاء الله حلو جداا جداا جداا و شدتني اوي اكمل لحد الآخر ، عاش 🙌
Delete