Posts

Showing posts from August, 2020

وحيد الداني، الجزء الأول: المهد

Image
  السماء تمطر، السيارات تسير بصعوبة في شارع الليجاتيه وسط الباعة المحتمين بالأسقف ومداخل العمائر والبلكونات، هموم تمشي على أقدام في كل مكان، سواء على الرصيف أو الشارع، وتصطدم ببعضها البعض وتكمل مشيها دون اكتراث، تعلو على صوت المطر المنهمر أصوات أبواق السيارات حيث يوجد عربجي يحاول تغيير مسار عربته عند التقاطع الثاني من الشارع، العمائر تصطف يمينا ويسارا متباينة الأطوال وكأنها ستبتلع الشارع ومن فيه، والنوافذ أغلبها مغلقة أقلها مفتوحة، ومن بينها يخرج خيط رفيع من الدخان الأبيض سرعان ما يتبعثر في الهواء من نافذة يخرج منها نور أصفر باهت ويستند إليها وحيد الداني.   وحيد، في منتصف الثلاثين، ذو أتب في الظهر، ورأس هجرها معظم الشعر ولم يبق منه إلا قلة قليلة يتسرب إليها اللون الرمادي، يقف بفانلته وسيجارته، يأخذ كل نفس ويخرجه بقوة عسى أن يكون الأخير، هل حقا الأسماء على مسمى؟ وإن كان كذلك فلماذا سموني بذلك الإسم؟ هكذا حدث نفسه، ونظر لأسفل وحدق بالناس في الشارع وهم في حركة آلية في كل الاتجاهات، وركز فيهم؛ يمشون جماعات وأزواج، والأفراد يتقابلون، شعر أنه معلق في الفضاء بين السماء والشارع، فلا...

الإنسان بين الإقرار والإنكار

Image
  **تنويه: الهدف الأساسي من نشر الكتابات هو إيجاد قراء جدد بصفة مستمرة، والسبيل الوحيد لذلك هو مشاركتكم للكاتبات مع الآخرين، ففضلا وتقديرا للمجهود المبذول، إن أعجبتكم إحدى الكتابات فانشروها قدرما استطعتم.   صاحب تلك الكلمات ليس بابن حسن وليس ذا علم وعلاقة وطيدة مستقرة مع خالقه، وإنما قد طرحته الدنيا أرضا ألف ألف مرة، ويبحث في فضاء الله الرحب عن نور ينقذ به ذاته المنسحقة تضرعا أمام خالقها، وليس يخطها فخرا أو وعظا، بل تذكرة لنفسه بسقوطه وإلزاما لنفسه باتباع الطريق الي ضلها يوما، والأهم أنه يخطها عساها تساعد أحدهم في إيجاد الطريق كما أنقذته كلمات من التيه.   ولعل أهم ما يجب أن نتطرق له بدايةً هو بحث الإنسان عن المعنى، ذاك البحث المضني والصعب الذي إما يؤدي بالمرء لأول خطوات النعيم والإقرار أو الهلاك المحتم يوميا ومع كل نفس؛ فالذين يجدون المعنى كأنما وجدوا السعادة السرمدية أيا كان المعنى الذي وجدوه؛ فمثلا الإرهابي لا يُرى حزينا إلا حينما يُهزم – وليس الموت – وعدا ذلك يمضي أيامه سعيدا في خدمة المعنى الذي وجده، وليس الإرهابي المعاصر هو الذي نذكره فقط وإنما على كل العصور، إذ أن...