في الخندق
سوريا.. وقت المغرب.. كانت خلود تمشي و تَجُر أمامها عربة بها طفلتها بين أطلال ما تبقى من سوريا ، الشمس وراءها و الخراب يمتد أمامها على ناحيتي الطريق ، خلود تمشي منذ زمن و ابنتها لا تصدر صوتا ، خلود جائعة و لكنها تستمر في المضي قدما ، خلود ضئيلة الجسد لدرجة تجعلك لا تتوقع أنها قد تمر بما مرت به أو حتى أنها قد تمشي الصباح كله تحت تلك الشمس ، خلود وحيدة لا خليل لها و لكنها تفرغ ما في قلبها لفلذة كبدها ، تدخل هنا و تخرج من هنا ، تستكن في ضِل هذا الحائط إذا أتعبتها الشمس أو تنام تحت هذا السقف إذا نعست و حل الليل ، خلود تعلم الكثير من الحكايات، فكل بيت تدخله ترى حكايته تُعرض في خيالها ، كيف بدأ ، من ضحك فيه و من بكى ، من وُلد ففرح به آل البيت و من مات فنزفت عيونهم دمعا لفراقه لهم و غيبته التي ستطول عنهم ، و كيف إنتهى. أُرهقت خلود ، و قد ذهبت الشمس للنوم ، هكذا تقول لابنتها عندما تغرب الشمس، فبحثت عن مكان تستقر فيه الليلة فقط ، افترشت الأرض و ابنتها في العربة لا تتحرك مهما حدث. كان المكان يوحي بأن جنودا مكثوا هنا بعض الوقت ثم رحلوا ، و قد يكونوا ماتوا فيه ، و ما الجديد فالكل يموت ال...