Posts

Showing posts from August, 2018

في الخندق

سوريا.. وقت المغرب.. كانت خلود تمشي و تَجُر أمامها عربة بها طفلتها بين أطلال ما تبقى من سوريا ، الشمس وراءها و الخراب يمتد أمامها على ناحيتي الطريق ، خلود تمشي منذ زمن و ابنتها لا تصدر صوتا ، خلود جائعة و لكنها تستمر في المضي قدما ، خلود ضئيلة الجسد لدرجة تجعلك لا تتوقع أنها قد تمر بما مرت به أو حتى أنها قد تمشي الصباح كله تحت تلك الشمس ، خلود وحيدة لا خليل لها و لكنها تفرغ ما في قلبها لفلذة كبدها ، تدخل هنا و تخرج من هنا ، تستكن في ضِل هذا الحائط إذا أتعبتها الشمس أو تنام تحت هذا السقف إذا نعست و حل الليل ، خلود تعلم الكثير من الحكايات، فكل بيت تدخله ترى حكايته تُعرض في خيالها ، كيف بدأ ، من ضحك فيه و من بكى ، من وُلد ففرح به آل البيت و من مات فنزفت عيونهم دمعا لفراقه لهم و غيبته التي ستطول عنهم ، و كيف إنتهى. أُرهقت خلود ، و قد ذهبت الشمس للنوم ، هكذا تقول لابنتها عندما تغرب الشمس، فبحثت عن مكان تستقر فيه الليلة فقط ، افترشت الأرض و ابنتها في العربة لا تتحرك مهما حدث. كان المكان يوحي بأن جنودا مكثوا هنا بعض الوقت ثم رحلوا ، و قد يكونوا ماتوا فيه ، و ما الجديد فالكل يموت ال...

إنتحار آدم

ارتفع هدير لمحرك رويدا رويدا بإيقاع منتظم نسبيا , توهجت عيناه لمعانا و بريقا , فتح فاه , لم يصدق , لم يعِ كم إنجازه , مشدوها مسحوبا في أفق الإنبهار الرهيب , توقف الزمن و امتدت أبعاد الغرفة الكبيرة , إرتفع ضغط الدم بفعل الأدرينالين المحفز , العرق بدأ ينصب فيضانا على وجهه , كل هذا تم في ثوان عدة , كل هذا كان دون أن ينبس ببنت شفة , و اندفع من حنجرته ذاك الصوت الأجش الذي يتميز به دائما , صائحا: -         ميخائيل , ميخائيل , إقترب , إنها تعمل !!! كان اسمه الحقيقي ميخائيلوفيتش , و الآخر ميشيل بودولسكي   , أشهر عالمان في وقتهما هذا , المائة و الخمسون بعد الألفية الثانية , أحدهما فاز بجائزة نوبل في الفيزياء , و هو ميشيل بودولسكي , بولندي يهودي يقال أن أمه من الشرق , أما الآخر ميخائيل فهو من روسيا .... عدا ميخائيلوفيتش القاعة عدوا , غير مستوعب , أحقا فعلاها ؟ أبعد كل تلك النظريات و المؤامرات التي لطالما تكالبت عليهما, سيثبتان ما أراداه على مدار عقد ؟ بدأت الآلة بالعمل فعلا , بعد الفشل مرارا و تكرارا , بعد ليالي, تمتد على مدار سنين عدة, من السهر و...