نافذتي، النافذة التي أحب
إلى أمي، وأختي، وأبي. حط الليل على غيط العنب، ولم يكن بالشوارع والأزقة صوت إلا صوت الريح الشتوية، إذ ذاك في إحدى البيوت المجاورة للكنيسة، في الدور الأرضي، السيدة عايدة تجلس بجلبابها الأسود البالي مربعة قدميها على كنبة مهترئة في مواجهة الباب، ولم تكن الشقة سوى غرفة وصالة وحمام ومطبخ، ولانخفاض الشقة بالنسبة لمستوى الرصيف فقد حال ذلك دون ممارسة النافذة الوحيدة المطلة على الشارع في ممارسة عملها، أما نافذتيّ المطبخ والحمام فهما مغلقتان تماما حيث الفجوات في السلك المعدني تعد منفذا سهلا للفئران والحشرات، والسبب في تلك الجلسة منذ أكثر من خمسة عشر عاما هو البياض الذي أصاب عينيها. تمسك بمحمول نوكيا وتنتظر الساعة، حيث ضبطه بيتر على أن يقوم بالرنين كل ساعة فتقوم هي بِعدْ الرنات لمعرفة الساعة الحالية، وقد أوشكت الآن الساعة على الواحدة مساءا، وها هو المحمول يرن، لقد حان وصول بيتر من العمل لدى أحد بقالين الشاطبي، وذلك الأمر وحده بدل ملامحها بعدما كانت فاترة إلى رضا مرسوم على الثغر، وباليد الأخرى التقطت بدقة الراديو الموجود على الطاولة ،أخفضت صوته، ثم قامت و...