وحيد الداني، الجزء الأخير: اليقين.

كانوا ثلاثة على وجه التحديد، أولهم خلف وحيد، والاثنين الآخرين يحيطانه يمينا ويسارا بزوايا كأنما يشكلون مثلثا ليس بمثلث فيثاغورث وإنما هو خطِرٌ، أدرك وحيد ما سينزل به ببطء حيث إن المفاجئة من شدة هولها صعقته، رويدا رويدا بانت ملامح كل منهم ولم يكن يفرق بين وجه كل منهم إلا مكان علامة الزمن والشقاوة عليهم، ووحيد يدور برأسه بسرعة كالبومة وهو في حيرة من أمره قد تضيع عليه حياته؛ إذ إنه إن لم يتصرف كما يجب سيقع في مأزق كبير؛ خصوصا لأنه لا يحمل شيئا ذا قيمة إطلاقا، إلا إذا أرادوا كبده أو كليتيه فذاك موضوع آخر. رفع وحيد الداني ناظريه بشكل لا إرادي للسماء فكأنما يحاول الاستعانة بأي ذي قوة، إلا أن شيئا لم يتحرك أو يتغير، أخذه من أمله ألمٌ في قفاه حيث أمسك به أحدهم بشدة وقسوة بيدٍ خشِنة وأظافر كالمخالب، فأصبح وحيد كالأرنب منكمشا في يد صائده، ولم يدم الحال أكثر من لحظات معدودة إذ انضم الباقية واقتربا منه فأمسكاه من جانبيه، والزعيم في الخلف يتحسس بيده كل ما تقع عليه يده في جسد فريسته، كل الجيوب، وكل مكان أمكن إخفاء شيء فيه، وبالرغم من تجمد وحيد وأنه كاد يبول على نفسه من فرط الرع...