صمت لا بأس به

" طوبى للأرواح التي تعيش فرادى ولا يشعر بوجودها أحد إلا حينما ترحل، تلك الأرواح التي لحظها العَسِر قد تتقاطع طرقها دون أن تعرف فتعيش طوال حياتها بلا مُعَزٍ أو حبيب أو خليل أو أي شيء، وحدها في الكون." -مينا وجدي. لم يكن للمكيف فائدة له حيث إن مجلسه بجانب الشرفة لم يحمه من الشمس الطاغية ولعله الوحيد الذي طالته الشمس من المجلس بينما البقية في ظل وطراوة حلوة، كان المجلس حوله نصف دائري مفتوح من ناحية الشرفة، تتعالى الضحكات حينا وتخفض حينا آخر ثم تعود مرة أخرى تعلو، والجمع مكون من شباب أغلبية وشابات أقلية، ولم يكن فم ينتهي من الحديث حتى يقاطعه آخر أو يبدأ حديثا جديدا. بينهم كان يجلس رفيق الذي يستمتع بالحديث الدائر بين ياسين وزياد والمناوشات بين أحمد وندى، بين "أعطني الشنتة يا أحمت..هههه" وبين تقليد الأساتذة والسباب الخفيف الذي لا يخدش الحياء، ويتقدم في جلسته للأمام كل حين لسماع الآخرين بسبب مجلسه المتطرف، فيضحك واجبا مع الضاحكون وإن كانت نكتة إسماعيل لم تنزل به أي فكاهة، ثم يصمت ويركز مع المتحدث أيا كان الموضوع محاولة لإلمام أكبر قدر من المعلومات والإفيهات الذي...