النظرات

هناك نظرات نتمناها، وهناك نظرات نخشاها كالنصال فنتمنى لو انمحونا هربا منها. لم تتسرب الخيوط الذهبية من بين طيات الستائر لتيقظه بل سبقها منبه رنان قتل الصمت الذي كان يغلف فضاء الغرفة والبيت، ومن سرير لا يشاطره إياه أحدهم قام أمين، أضاء أنوار الشقة كلها في طريقه للحمام كما هي عادته منذ الصغر خوفا من شخص سيأتيه بالتأكيد من الخلف ويبتلعه في الظلام، بالنسبة لشاب في طريقه للثلاثين فأمين قصير جدا لحد يجعله يقف على أطراف أصابعه أمام المرآة حتى يستطيع تبين وجهه بالكامل أثناء حلاقة ذقنه. أول البارحة قد وصلته رسالة عن اجتماع لخريجي مدرسته احتفالا، فتأرجح قلبه فرحا ثم ارتج فزعا. أما الآن فهو يجمع شجاعته كلها ليرتدي الملابس ويذهب لذلك الاجتماع، فليس كل رجوع للماضي به جمال خالص، احتار أمين فيما يلبس ويضع، وهكذا عادته كل يوم، فيقف وينظر ويفكر "إن لبست هذا سيُنظر لي، وذلك سيجعلهم بالتأكيد يضحكون.."، فارتدى قميصا –في النهاية- أبيض اللون وسروالا جينزا حتى لا يلفت انتباه أحدهم بريقا أو احتقارا، استمر في إعداد هيئته مرارا وتكرارا حتى تجاوز الأمر أكثر من ساعة ونصف الساعة. ...