الفاتورة

انقلبت أمعاء عبده المسَّاك رأسا على عقب فور علمه بوصول المحصل العمارة، وأنه بدأ للتو في تحصيل الفواتير المحددة والمتأخرة، فقام عبده وذهب لغرفة نومه وفتح درج "التحويش" خاصته، ولم يجد إلا ثلاث مئة وخمسين جنيها، حينها ارتاحت ملامحه قليلا إلا أنها تجمدت بعد قليل حين تذكر أن خدمة توصيل المشويَّات في الطريق، إذ ذاك قرر المسَّاك بلا أي تفكير الاتجاه نحو غرفة المعيشة وأن يغلق التلفاز المُدار على مدى النهار والليل، الذي يملاء سمعه وسمع الجيران حتى لا يصدر صوتا، ثم أغلق نور الحمام والمطبخ أيضا، حينها شعر عبده بالراحة العارمة لذلك والرضا لكونه مواطنا ناصحا يوفر الكهرباء. لكن تلبك أمعاء عبده لم يتركه وحاله؛ حيث تذكر المسَّاك أن الفاتورة ليست حالية وإنما متراكمة عليه، لم يستطع عبده إحصاء عدد الشهور والمرات التي راوغ فيها وحالفه الحظ وتهرب فيها من المحصل، إلا أنه يعرفه، محصل بارد، شعره لا هو أبيض ولا أسود، وبنيانه الضخم يتناقض مع خفته، قدر محتوم، "إلا أن القدر أيضا يمكن مراوغته في بعض الأحيان التي يسمح فيها"، هكذا فكر عبده المسَّاك. تحفَّز المسَّاك لذلك قليلا وب...